اضطرابات الأسواق العالمية- مخاوف من حرب تجارية ورسوم ترمب الجديدة

عصفت بالأسواق المالية العالمية، اليوم (الخميس)، رياح عاتية من التقلبات إثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن فرض ضرائب جمركية جديدة وشاملة على البضائع المستوردة إلى الولايات المتحدة، في خطوة أطلق عليها اسم "إعلان الاستقلال الاقتصادي".
هذا القرار، الذي تم الإعلان عنه في الثاني من أبريل ودخل حيز التنفيذ اليوم، تضمن فرض رسوم جمركية أساسية بنسبة 10% تشمل جميع الواردات، مع زيادات تصاعدية لتصل إلى 54% على دول بعينها كالصين، الأمر الذي أشعل فتيل المخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية شاملة.
وفي قلب "وول ستريت"، استقبلت المؤشرات الرئيسية الخبر بتراجع مروع، حيث انزلق مؤشر S&P 500 بنسبة 3%، بينما هوى مؤشر "ناسداك" الذي يركز على شركات التكنولوجيا بنسبة 4.6% في الجلسات الافتتاحية للتداول بعد هذا الإعلان المدوي .
ويعكس هذا الهبوط العميق قلقاً متزايداً لدى المستثمرين من الارتفاع المحتمل في تكاليف الشركات التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد، بالإضافة إلى التوقعات المتشائمة بتفاقم التضخم في الاقتصاد الأمريكي.
وتشير التقارير الواردة أيضاً إلى أن العقود الآجلة لمؤشر S&P 500 كانت قد سجلت انخفاضاً يقارب 2% قبل الافتتاح، مما يعزز حالة الضبابية وعدم الثقة التي تخيم على الأسواق.
ولم تقتصر ارتدادات هذا القرار على الأراضي الأمريكية فحسب، بل امتدت موجة البيع لتطال بورصات العالم قاطبة، ففي آسيا، تراجع مؤشر نيكاي الياباني بنسبة 3.24% ليسجل بذلك أدنى مستوى له منذ ثمانية أشهر، وذلك بعد فرض رسوم باهظة بنسبة 24% على السلع اليابانية.
وفي القارة الأوروبية، شهدت الأسهم تراجعاً ملحوظاً، إذ انخفضت مؤشرات الأسهم الأوروبية الكبرى في أعقاب الإعلان عن تعريفات بنسبة 20% على واردات دول الاتحاد الأوروبي.
وفي المقابل، سارع المستثمرون إلى الاحتماء بأصول الملاذ الآمن كالذهب والسندات الحكومية، حيث شهد سعر الذهب ارتفاعاً ملحوظاً.
ويرى المحللون المتخصصون أن هذه الرسوم الجمركية قد تعيد تشكيل خارطة سلاسل التوريد العالمية، لكنها تحمل في طياتها مخاطر جمة وعواقب وخيمة.
وفي هذا الصدد، صرح تشارو تشانانا، الخبير الاستراتيجي للاستثمار في بنك ساكسو، بأن الافتراض السائد الذي كان يرى في ترمب داعماً قوياً للأسواق، يتم الآن إعادة تقييمه بشكل جذري، مشيراً إلى أن السياسات الحمائية قد تدفع بالاقتصاد العالمي نحو الركود.
من جهتها، حذرت كريستين لاجارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، من أن التأثير السلبي سيتوقف على حجم الرسوم ومدتها، داعية إلى إجراء مفاوضات عاجلة للحد من الأضرار المحتملة.
ومع تصاعد حدة التوترات التجارية، تتجه الأنظار صوب ردود الفعل المتوقعة من الدول المتضررة، حيث تعهدت دول مثل كندا والاتحاد الأوروبي بالرد باتخاذ إجراءات مماثلة.
وفي المقابل، لمح ترمب إلى إمكانية منح بعض الإعفاءات لبعض الشركاء التجاريين المقربين، كالمكسيك وكندا في إطار اتفاقية USMCA، إلا أن ذلك لم ينجح في تهدئة المخاوف المتزايدة.
ويتوقع المحللون أن تشهد الأسواق المزيد من التقلبات خلال الأسابيع القادمة، مع ترقب تأثير هذه الرسوم الجمركية على مسار النمو الاقتصادي العالمي.
